فصل: (الْبَابُ الْخَامِسُ فِي الصُّلْحِ فِي الْغَصْبِ وَالسَّرِقَةِ وَالْإِكْرَاهِ وَالتَّهْدِيدِ):

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الفتاوى الهندية



.(الْبَابُ الْخَامِسُ فِي الصُّلْحِ فِي الْغَصْبِ وَالسَّرِقَةِ وَالْإِكْرَاهِ وَالتَّهْدِيدِ):

لَوْ ادَّعَى غَصْبًا عَلَى إنْسَانٍ ثُمَّ صَالَحَهُ عَلَى مَالٍ جَازَ الصُّلْحُ كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ.
غَصَبَ ثَوْبًا قِيمَتُهُ مِائَةٌ فَأَتْلَفَهُ فَصَالَحَهُ مِنْهُ عَلَى أَزْيَدَ مِنْ مِائَةٍ جَازَ وَقَالَا يَبْطُلُ الْفَضْلُ عَلَى قِيمَتِهِ بِمَا لَا يَتَغَابَنُ فِيهِ وَالصَّحِيحُ مَذْهَبُ أَبِي حَنِيفَةَ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى كَذَا فِي خِزَانَةِ الْفَتَاوَى.
إذَا كَانَ الْمَغْصُوبُ عَبْدًا فَأَبَقَ مِنْهُ أَوْ هَلَكَ فِي يَدِهِ فَصَالَحَهُ عَلَى أَكْثَرَ مِنْ قِيمَتِهِ جَازَ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ وَمُحَمَّدٌ رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى يَبْطُلُ الْفَضْلُ عَلَى قِيمَتِهِ بِمَا لَا يَتَغَابَنُ النَّاسُ فِيهِ وَمِنْ أَصْحَابِنَا مَنْ قَالَ الْخِلَافُ فِيمَا إذَا أَبَقَ الْعَبْدُ وَأَمَّا إذَا كَانَ مُسْتَهْلَكًا فَصَالَحَ عَلَى أَكْثَرَ مِنْ قِيمَتِهِ لَا يَجُوزُ عِنْدَهُمْ وَالْأَصَحُّ أَنَّ الْخِلَافَ فِيهَا جَمِيعًا كَذَا ذَكَرَ فَخْرُ الدِّينِ قَاضِي خَانْ فِي شَرْحِ الْجَامِعِ الصَّغِيرِ.
وَعَلَى هَذَا الْخِلَافُ إذَا غَصَبَ عَبْدًا فَهَلَكَ فِي يَدِهِ فَصَالَحَهُ عَلَى مَالٍ ثُمَّ أَقَامَ الْغَاصِبُ الْبَيِّنَةَ عَلَى أَنَّ قِيمَتَهُ أَقَلُّ مِمَّا صَالَحَ عَلَيْهِ لَمْ تُقْبَلْ بَيِّنَتُهُ فِي قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ وَمُحَمَّدٌ رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى تُقْبَلُ بَيِّنَتُهُ وَتُرَدُّ زِيَادَةُ الْقِيمَةِ عَلَى الْغَاصِبِ هَكَذَا فِي غَايَةِ الْبَيَانِ شَرْحِ الْهِدَايَةِ أَجْمَعُوا عَلَى أَنَّهُ لَوْ صَالَحَهُ عَلَى عَرْضٍ جَازَ سَوَاءٌ كَانَ كَثِيرَ الْقِيمَةِ أَوْ قَلِيلَ الْقِيمَةِ وَأَجْمَعُوا عَلَى أَنَّهُ لَوْ قَضَى الْقَاضِي عَلَيْهِ بِالْقِيمَةِ ثُمَّ صَالَحَهُ عَلَى أَكْثَرَ مِنْ قِيمَتِهِ لَا يَجُوزُ كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ.
قَالَ مُحَمَّدٌ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى إذَا أَبَقَ الْمَغْصُوبُ فَصَالَحَهُ مَوْلَاهُ عَلَى دَرَاهِمَ مُسَمَّاةٍ حَالَّةً أَوْ إلَى أَجَلٍ جَازَ وَلَوْ صَالَحَهُ عَلَى الْعَبْدِ الْآبِقِ عَلَى مَكِيلٍ أَوْ مَوْزُونٍ إنْ كَانَ بِعَيْنِهِ أَوْ بِغَيْرِ عَيْنِهِ وَلَكِنْ قَبَضَهُ فِي مَجْلِسٍ جَازَ وَإِنْ كَانَ بِغَيْرِ عَيْنِهِ وَلَمْ يَقْبِضْهُ فِي مَجْلِسٍ لَا يَجُوزُ كَمَا لَوْ كَانَ مُسْتَهْلَكًا حَقِيقَةً وَلَوْ كَانَ الْعَبْدُ قَائِمًا بِعَيْنِهِ فِي يَدٍ فَصَالَحَهُ عَلَى شَيْءٍ مِمَّا ذَكَرْنَا بِعَيْنِهِ أَوْ بِغَيْرِ حَالًّا كَانَ أَوْ مُؤَجَّلًا جَازَ وَكَانَ الْبَيْعُ وَلَوْ اخْتَلَفَ الْغَاصِبُ وَالْمَغْصُوبُ مِنْهُ فَقَالَ أَحَدُهُمَا هِيَ آبِقَةٌ وَقَالَ الْآخَرُ هِيَ حَاضِرَةٌ كَانَ الْقَوْلُ قَوْلَ الْغَاصِبِ فَإِنْ قَالَ هِيَ فِي يَدَيَّ جَازَ الصُّلْحُ عَلَى جَمِيعِ مَا ذَكَرْنَا حَالًّا كَانَ أَوْ مُؤَجَّلًا وَإِنْ قَالَ هِيَ آبِقَةٌ جَازَ الصُّلْحُ عَلَى الدَّرَاهِمِ حَالَّةً كَانَتْ أَوْ مُؤَجَّلَةً وَعَلَى الْمَكِيلِ وَالْمَوْزُونِ جَازَ الصُّلْحُ حَالًّا وَلَا يَجُوزُ مُؤَجَّلًا كَذَا فِي الْمُحِيطِ.
وَإِذَا غَصَبَ ثَوْبًا مِنْ رَجُلٍ فَاسْتَهْلَكَهُ آخَرُ عِنْدَ الْغَاصِبِ فَصَالَحَ صَاحِبُ الثَّوْبِ الْأَوَّلَ عَلَى أَقَلَّ مِنْ قِيمَتِهِ فَهُوَ جَائِزٌ، وَيَرْجِعُ الْأَوَّلُ عَلَى الْمُسْتَهْلِكِ بِقِيمَتِهِ وَيَتَصَدَّقُ بِالْفَضْلِ وَأَنْ يُصَالِحَ الْأَوَّلَ وَلَكِنَّهُ صَالَحَ الثَّانِي عَلَى أَقَلَّ مِنْ قِيمَتِهِ جَازَ وَيَكُونُ بَرَاءَةً لِلْأَوَّلِ وَلَا يَتَصَدَّقُ الْآخَرُ بِشَيْءٍ وَإِنْ نَوَى مَا عَلَى الْآخَرِ لَمْ يَكُنْ لَهُ أَنْ يَرْجِعَ عَلَى الْأَوَّلِ بِشَيْءٍ كَذَا فِي الْحَاوِي.
لَوْ غَصَبَ كُرَّ حِنْطَةٍ ثُمَّ صَالَحَهُ عَلَى دَرَاهِمَ مُسَمَّاةٍ حَالَّةً أَوْ مُؤَجَّلَةً وَالْكُرُّ قَائِمٌ بِعَيْنِهِ جَازَ الصُّلْحُ وَكَذَا لَوْ صَالَحَهُ عَلَى ذَهَبٍ مُسَمًّى حَالًّا أَوْ مُؤَجَّلًا وَكَذَلِكَ الصُّلْحُ عَلَى سَائِرِ الْوَزْنِيَّاتِ وَلَوْ صَالَحَهُ عَلَى كَيْلٍ مُؤَجَّلٍ لَا يَجُوزُ سَوَاءٌ صَالَحَهُ عَلَى حِنْطَةٍ أَوْ غَيْرِهَا وَإِنْ كَانَ الْكُرُّ مُسْتَهْلَكًا فَصَالَحَهُ عَلَى دَرَاهِمَ أَوْ دَنَانِيرَ إنْ كَانَ إلَى أَجَلٍ لَا يَجُوزُ وَإِنْ كَانَ حَالًّا وَقَبَضَهُ فَالصُّلْحُ جَائِزٌ، وَإِنْ افْتَرَقَا قَبْلَ الْقَبْضِ بَطَلَ الصُّلْحُ وَإِنْ صَالَحَهُ عَلَى مَكِيلٍ أَوْ مَوْزُونٍ إنْ كَانَ حَالًّا وَقَبَضَهُ جَازَ وَإِنْ كَانَ إلَى أَجَلٍ إنْ كَانَ الْمُصَالَحُ عَلَيْهِ سِوَى الْحِنْطَةِ لَا يَجُوزُ وَإِنْ كَانَ الْمُصَالَحَ عَلَيْهِ الْحِنْطَةُ جَازَ وَإِنْ صَالَحَهُ عَلَى كُرٍّ وَنِصْفِ كُرٍّ كَانَ بَاطِلًا سَوَاءٌ كَانَ الْكُرُّ قَائِمًا أَوْ مُسْتَهْلَكًا لِمَكَانِ الرِّبَا كَذَا فِي الْمُحِيطِ.
وَلَوْ غَصَبَ كُرَّ حِنْطَةٍ وَكُرَّ شَعِيرٍ فَاسْتَهْلَكَهُمَا ثُمَّ صَالَحَهُ عَلَى كُرِّ شَعِيرٍ إلَى أَجَلٍ عَلَى إنْ أَبْرَأَهُ مِنْ الْحِنْطَةِ فَهُوَ جَائِزٌ وَكَذَلِكَ إذَا كَانَ أَحَدُهُمَا قَائِمًا فَصَالَحَهُ عَلَيْهِ عَلَى إنْ أَبْرَأَهُ مِنْ الْمُسْتَهْلِكِ كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ.
فِي الْمُنْتَقَى رَجُلٌ غَصَبَ عُرُوضًا وَحِنْطَةً وَشَعِيرًا فَصَالَحَهُ الْمَغْصُوبُ مِنْهُ عَلَى أَلْفِ دِرْهَمٍ إلَى سَنَةٍ قَالَ حِصَّةُ الْحِنْطَةِ وَالشَّعِيرِ مِنْ الْأَلْفِ بَاطِلَةٌ إنْ كَانَ ذَلِكَ مُسْتَهْلَكًا وَيَجُوزُ الصُّلْحُ فِي حِصَّةِ الْعُرُوضِ وَإِنْ كَانَ قَالَ الْغَاصِبُ لَمْ تَكُنْ الْحِنْطَةُ مُسْتَهْلَكَةً وَقَالَ الْمَغْصُوبُ مِنْهُ كَانَتْ مُسْتَهْلَكَةً فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْغَاصِبِ كَذَا فِي الْمُحِيطِ.
وَلَوْ غَصْب مِائَةَ دِرْهَمٍ وَعَشَرَةَ دَنَانِيرَ فَاسْتَهْلَكَهُمَا ثُمَّ صَالَحَهُ مِنْهُمَا عَلَى كُرِّ حِنْطَةٍ بِعَيْنِهِ ثُمَّ اسْتَحَقَّ الْكُرَّ أَوْ وَجَدَ بِهِ عَيْبًا فَرَدَّهُ رَجَعَ بِالدَّرَاهِمِ وَالدَّنَانِيرِ وَإِنْ صَالَحَهُ عَلَى خَمْسِينَ دِرْهَمًا حَالَّةً أَوْ مُؤَجَّلَةً فَهُوَ جَائِزٌ وَإِنْ اسْتَحَقَّتْ بَعْدَمَا قَبَضَهَا أَوْ وَجَدَهَا زُيُوفًا أَوْ سَتُّوقَةً رَجَعَ بِمِثْلِهَا وَلَمْ يُنْتَقَضْ الصُّلْحُ، وَكَذَلِكَ لَوْ صَالَحَهُ عَلَى وَزْنِ خَمْسِينَ دِرْهَمًا فِضَّةً تِبْرًا وَكَذَلِكَ لَوْ غَصَبَ مِائَةَ مِثْقَالٍ فِضَّةٍ تِبْرٍ وَعَشَرَةَ دَنَانِيرَ، فَصَالَحَهُ عَلَى خَمْسِينَ دِرْهَمًا حَالَّةً أَوْ مُؤَجَّلَةً فَهُوَ جَائِزٌ إذَا كَانَتْ الدَّرَاهِمُ مِثْلَ الْفِضَّةِ فِي الْجَوْدَةِ وَإِنْ كَانَتْ خَيْرًا مِنْهَا لَمْ يَجُزْ كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ.
إذَا غَصَبَ كُرَّ حِنْطَةٍ ثُمَّ صَالَحَهُ عَلَى نِصْفِ كُرِّ حِنْطَةٍ فَإِنْ كَانَ الْكُرُّ الْمَغْصُوبُ مَغِيبًا فَصَالَحَهُ عَلَى نِصْفِ ذَلِكَ الْكُرِّ لَا يَجُوزُ الصُّلْحُ سَوَاءٌ كَانَ الْغَاصِبُ مُقِرًّا بِالْغَصْبِ أَوْ كَانَ جَاحِدًا وَإِنْ صَالَحَ عَلَى نِصْفِ كُرٍّ آخَرَ جَازَ الصُّلْحُ مُقِرًّا كَانَ أَوْ جَاحِدًا إلَّا أَنَّهُ لَا يَطِيبُ لَهُ الْفَضْلُ فِيمَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ اللَّهِ تَعَالَى إذَا كَانَ الْكُرُّ قَائِمًا فِي يَدِهِ حَقِيقَةً وَيَلْزَمُ الرَّدُّ عَلَى الْمَغْصُوبِ مِنْهُ وَإِنْ كَانَ الْكُرُّ الْمَغْصُوبُ حَاضِرًا إنْ كَانَ الْغَاصِبُ جَاحِدًا لِلْغَصْبِ فَصَالَحَهُ عَلَى نِصْفِ الْكُرِّ الْمَغْصُوبِ أَوْ عَلَى نِصْفِ كُرٍّ آخَرَ يَجُوزُ الصُّلْحُ فِي الْحُكْمِ وَلَكِنْ يُؤْمَرُ فِيمَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ اللَّهِ تَعَالَى أَنْ يَرُدَّ النِّصْفَ الْبَاقِي عَلَى الْمَغْصُوبِ مِنْهُ وَإِنْ كَانَ مُقِرًّا بِالْغَصْبِ لَا يَجُوزُ الصُّلْحُ عَلَى نِصْفِ الْكُرِّ الْمَغْصُوبِ أَوْ عَلَى نِصْفِ كُرٍّ آخَرَ اسْتِحْسَانًا وَلَوْ كَانَ صَالَحَهُ عَلَى ثَوْبٍ وَدَفَعَهُ إلَيْهِ جَازَ حَاضِرًا كَانَ الْكُرُّ الْمَغْصُوبُ أَوْ غَائِبًا مُقِرًّا كَانَ الْغَاصِبُ أَوْ جَاحِدًا وَاَلَّذِي ذَكَرْنَا مِنْ الْجَوَابِ فِي الْحِنْطَةِ فَهُوَ الْجَوَابُ فِي سَائِرِ الْمَكِيلَاتِ وَكُلُّ مَا يَحْتَمِلُ الْقِسْمَةَ نَحْوَ الْمَوْزُونَاتِ وَالْعَدَدِيَّاتِ الْمُتَقَارِبَةِ وَإِنْ كَانَ الْمَغْصُوبُ شَيْئًا لَا يَحْتَمِلُ الْقِسْمَةَ بِأَنْ كَانَ عَبْدًا أَوْ دَابَّةً أَوْ أَمَةً فَصَالَحَ الْمَغْصُوبُ مِنْهُ الْغَاصِبَ عَلَى نِصْفِهِ إنْ كَانَ مَغِيبًا لَا شَكَّ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ الصُّلْحُ وَإِنْ كَانَ حَاضِرًا فَإِنْ كَانَ الْغَاصِبُ مُقِرًّا بِالْغَصْبِ لَا يَجُوزُ الصُّلْحُ أَيْضًا وَإِنْ كَانَ جَاحِدًا ذَكَرَ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ الصُّلْحُ هَكَذَا فِي الْمُحِيطِ.
رَجُلٌ غَصَبَ مِنْ رَجُلٍ أَلْفًا وَأَخْفَاهُ وَغَيَّبَهُ وَصَالَحَهُ الْمَالِكُ عَلَى خَمْسِمِائَةٍ فَأَعْطَاهُ الْغَاصِبُ مِنْ ذَلِكَ الْأَلْفِ أَوْ مِنْ غَيْرِهِ جَازَ الصُّلْحُ قَضَاءً وَكَانَ عَلَى الْغَاصِبِ فِيمَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ اللَّهِ تَعَالَى أَنْ يَرُدَّ الْبَاقِيَ وَإِنْ كَانَتْ الدَّرَاهِمُ فِي يَدِ الْغَاصِبِ بِحَيْثُ يَرَاهَا الْمَالِكُ فَإِنْ كَانَ الْغَاصِبُ جَاحِدًا فَكَذَلِكَ الْجَوَابُ فَإِنْ وَجَدَ الْمَغْصُوبُ مِنْهُ بَيِّنَةً بَعْدَ ذَلِكَ فَأَقَامَهَا يَقْضِي لَهُ بِبَقِيَّةِ مَا لَهُ فَإِنْ كَانَ مُقِرًّا بِالْغَصْبِ وَالدَّرَاهِمَ ظَاهِرَةً فِي يَدِهِ يَقْدِرُ الْمَغْصُوبُ مِنْهُ عَلَى أَخْذِهَا مِنْهُ فَصَالَحَهُ عَلَى نِصْفِهَا عَلَى إنْ أَبْرَأَهُ عَنْ الْبَاقِي فَهُوَ فِي الْقِيَاسِ مِثْلُ الْأَوَّلِ يَجُوزُ الصُّلْحُ قَضَاءً وَفِي الِاسْتِحْسَانِ لَا يَجُوزُ وَعَلَيْهِ أَنْ يَرُدَّهَا عَلَى الْمَغْصُوبِ مِنْهُ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ.
إذَا غَصَبَ الرَّجُلُ عَبْدًا أَوْ ثَوْبًا أَوْ مَا أَشْبَهَهُ مِنْ رَجُلَيْنِ وَاسْتَهْلَكَهُ ثُمَّ صَالَحَهُ أَحَدُهُمَا مِنْ نَصِيبِهِ عَلَى دَرَاهِمَ أَوْ دَنَانِيرَ وَقَبَضَهَا فَهُوَ جَائِزٌ وَيُشَارِكُهُ الْآخَرُ فِيمَا قَبَضَ وَلَا يَكُونُ لِلْمُصَالِحِ الْخِيَارُ بَيْنَ أَنْ يُعْطِيَهُ مَا قَبَضَ وَبَيْنَ أَنْ يُعْطِيَهُ غَيْرَهُ وَإِذَا وَقَعَ الصُّلْحُ عَلَى عَرَضٍ وَاخْتَارَ الْآخَرُ تَضْمِينَ الْمُصَالِحِ كَانَ لِلْمُصَالِحِ الْخِيَارُ إنْ شَاءَ أَعْطَاهُ نِصْفَ مَا قَبَضَ وَإِنْ شَاءَ أَعْطَاهُ رُبْعَ الدَّيْنِ إنْ كَانَ الْعَرَضُ قَائِمًا فَصَالَحَ أَحَدُهُمَا الْغَاصِبَ عَنْ نَصِيبِهِ فَإِنْ كَانَ الْعَرَضُ فِي يَدِ الْغَاصِبِ ظَاهِرٌ بِحَيْثُ يَرَاهُ الْمَالِكُ وَالْغَاصِبُ مُقِرٌّ بِالْغَصْبِ لَا يَكُونُ لِلسَّاكِتِ حَقُّ الْمُشَارَكَةِ مَعَ الْمُصَالِحِ فِي الْمَقْبُوضِ وَإِنْ كَانَ الْعَرَضُ غَائِبًا لَا يَعْرِفُ الْمَالِكُ مَكَانَهُ وَلَا الْغَاصِبُ وَالْبَاقِي بِحَالِهِ فَلِلسَّاكِتِ أَنْ يُشَارِكَ الْمُصَالِحَ فِي الْمَقْبُوضِ وَإِنْ كَانَ الْعَرَضُ قَائِمًا فِي يَدِ الْغَاصِبِ يَرَاهُ الْمَالِكُ إلَّا إنَّ الْغَاصِبَ جَاحِدٌ لِلْغَصْبِ ذَكَرَ فِي الْأَصْلِ أَنَّهُ لَيْسَ لِلسَّاكِتِ حَقُّ الْمُشَارَكَةِ مَعَ الْمُصَالِحِ فِي الْمَقْبُوضِ قَالُوا مَا ذُكِرَ فِي الْأَصْلِ قَوْلُ مُحَمَّدٍ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى فَقَدْ رَوَى ابْنُ سِمَاعَةَ عَنْ أَبِي يُوسُفَ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى أَنَّ لِلسَّاكِتِ حَقَّ الْمُشَارَكَةِ مَعَ الْمُصَالِحِ فِي الْمَقْبُوضِ قَالَ شَيْخُ الْإِسْلَامِ وَيَجِبُ أَنْ يَكُونَ عَلَى هَذَا الْخِلَافِ مَا إذَا كَانَ غَائِبًا بِحَيْثُ لَا يَعْرِفُ الْمَالِكُ مَكَانَهُ إلَّا أَنَّ الْغَاصِبَ يَعْرِفُ مَكَانَهُ كَذَا فِي الْمُحِيطِ.
رَجُل اسْتَهْلَكَ عَلَى رَجُلٍ إنَاءَ فِضَّةٍ وَقَضَى الْقَاضِي عَلَيْهِ بِالْقِيمَةِ فَافْتَرَقَا قَبْلَ قَبْضِ الْقِيمَةِ لَا يَبْطُلُ الْقَضَاءُ عِنْدَنَا وَكَذَا لَوْ اصْطَلَحَا عَلَى الْقِيمَةِ مِنْ غَيْرِ قَضَاءٍ وَافْتَرَقَا قَبْلَ الْقَبْضِ وَكَذَا لَوْ اسْتَهْلَكَ تِبْرَ فِضَّةٍ أَوْ دَرَاهِمَ فَصَالَحَهُ عَلَى أَقَلَّ مِنْهَا إلَى أَجَلٍ جَازَ عِنْدَنَا كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ.
لَوْ اسْتَهْلَكَ تِبْرَ فِضَّةٍ دَرَاهِمَ فَصَالَحَهُ عَلَى عَشَرَةِ دَرَاهِمَ مِثْلِهَا إلَى أَجَلٍ جَازَ كَذَا فِي خِزَانَةِ الْمُفْتِينَ.
وَفِي نَوَادِرِ ابْنِ سِمَاعَةَ عَنْ مُحَمَّدٍ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى رَجُلٌ غَصَبَ إنَاءً مَصُوغًا مِنْ فِضَّةٍ فَوَضَعَهُ فِي بَيْتِهِ ثُمَّ لَقِيَهُ الْمَالِكُ فَصَالَحَهُ مِنْهُ عَلَى مِثْلِ وَزْنِهِ مِنْ الْفِضَّةِ أَوْ عَلَى ذَهَبٍ ثُمَّ فَارَقَهُ قَبْلَ أَنْ يُعْطِيَهُ لَمْ يَبْطُلْ الصُّلْحُ، وَفِيهِ أَيْضًا رَجُلٌ غَصَبَ طَوْقًا قِيمَتُهُ مِائَةُ دِينَارٍ وَضَاعَ مِنْ الْغَاصِبِ وَصَالَحَهُ صَاحِبُ الطَّوْقِ عَلَى خَمْسِينَ دِينَارًا فَهُوَ جَائِزٌ إنْ وَجَدَهُ الْغَاصِبُ كَانَ رَبُّ الطَّوْقِ شَرِيكًا فِيهِ لَهُ نِصْفُهُ وَلَوْ كَانَ الْغَاصِبُ صَالَحَ رَبَّ الطَّوْقِ عَلَى مَا ذَكَرْنَا وَالطَّوْقُ عِنْدَهُ لَمْ يَجُزْ الصُّلْحُ وَفِيهِ أَيْضًا عَنْ أَبِي يُوسُفَ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى رَجُلٌ غَصَبَ مِنْ آخَرَ قَلْبَ فِضَّةٍ وَصَالَحَهُ بَعْدَ مَا غَيَّبَهُ عَلَى أَكْثَرَ مِنْ قِيمَتِهِ لَا يَجُوزُ وَإِنْ اسْتَهْلَكَهُ الْغَاصِبُ وَرَضِيَ الْمَغْصُوبُ مِنْهُ أَنْ يَأْخُذَ مِثْلَ وَزْنِ الْقَلْبِ فِضَّةَ تِبْرٍ وَأَبْرَأَهُ عَنْ الْعَمَلِ جَازَ كَذَا فِي الْمُحِيطِ.
رَجُلٌ أَخَذَ سَارِقًا فِي دَارِ غَيْرِهِ فَأَرَادَ أَنْ يَدْفَعَهُ إلَى صَاحِبِ السَّرِقَةِ بَعْدَ مَا أَخْرَجَ السَّرِقَةَ مِنْ الدَّارِ فَصَالَحَهُ السَّارِقُ عَلَى مَالٍ مَعْلُومٍ حَتَّى كَفَّ عَنْهُ كَانَ بَاطِلًا وَعَلَيْهِ أَنْ يَرُدَّ الْمَالَ عَلَى السَّارِقِ وَلَوْ كَانَ هَذَا مِنْ صَاحِبِ السَّرِقَةِ لَا يَجِبُ الْمَالُ عَلَى السَّارِقِ، وَيَبْرَأُ عَنْ الْخُصُومَةِ إذَا دَفَعَ السَّرِقَةَ إلَى صَاحِبِهَا وَلَوْ كَانَ هَذَا الصُّلْحُ مِنْ صَاحِبِ السَّرِقَةِ بَعْدَمَا رُفِعَ إلَى الْقَاضِي إنْ كَانَ ذَلِكَ بِلَفْظِ الْعَفْوِ لَا يَصِحُّ الْعَفْوُ بِالِاتِّفَاقِ وَإِنْ كَانَ بِلَفْظِ الْهِبَةِ وَالْبَرَاءَةِ عِنْدَنَا يَسْقُطُ الْقَطْعُ وَالْإِمَامُ أَوْ الْقَاضِي إذَا صَالَحَ شَارِبَ الْخَمْرِ عَلَى أَنْ يَأْخُذَ مِنْهُ مَالًا وَيَعْفُوَ عَنْهُ لَا يَصِحُّ الصُّلْحُ وَيَرُدُّ الْمَالَ عَلَى شَارِبِ الْخَمْرِ سَوَاءٌ كَانَ ذَلِكَ قَبْلَ الدَّفْعِ أَوْ بَعْدَهُ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ.
إسْكَافٍ سُرِقَ مِنْ حَانُوتِهِ خِفَافٌ لِأَقْوَامٍ، صَالَحَ الْإِسْكَافُ مَعَ السَّارِقِ فَإِنْ كَانَ الْمَسْرُوقُ قَائِمًا بِعَيْنِهِ لَمْ يَجُزْ الصُّلْحُ إلَّا بِإِجَازَةِ أَرْبَابِهَا وَإِنْ كَانَ مُسْتَهْلَكًا جَازَ مِنْ غَيْرِ إجَازَةِ أَرْبَابِهَا بَعْدَ أَنْ يَكُونَ الصُّلْحُ عَلَى دَرَاهِمَ وَأَنْ لَا يَكُونَ فِيهِ طَرْحُ كَثِيرٍ مِنْ الْقِيمَةِ كَذَا فِي خِزَانَةِ الْمُفْتِينَ.
رَجُلٌ اُتُّهِمَ بِسَرِقَةٍ وَحُبِسَ فَادَّعَى عَلَيْهِ قَوْمٌ فَصَالَحَهُمْ ثُمَّ أُخْرِجَ وَأَنْكَرَ فَقَالَ إنَّمَا صَالَحْتُكُمْ خَوْفًا عَلَى نَفْسِي قَالُوا إنْ كَانَ فِي حَبْسِ الْقَاضِي فَالصُّلْحُ جَائِزٌ وَإِنْ كَانَ فِي حَبْسِ الْوَالِي لَا يَصِحُّ الصُّلْحُ كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ.
دَفَعَ إلَى آخَرَ بِضَاعَةً فَقَطَعَ عَلَيْهِ الطَّرِيقَ فَأَخَذَ مَالَهُ وَبِضَاعَةَ الدَّافِعِ فَصَالَحَ الْمُسْتَبْضِعُ اللِّصَّ وَيَقُولُ إنَّمَا صَالَحْتُ عَنْ مَالِي وَالْمُبْضِعُ يَقُولُ إنَّمَا صَالَحْتُ عَنْ بِضَاعَتِي فَإِنْ كَانَ وَقْتُ الْقَبْضِ سَمَّى الدَّافِعُ أَنَّهُ مِنْ جُمْلَةِ مَا وَجَبَ عَلَيْهِ فَهُوَ عَنْ الْجَمِيعِ عَلَى قَدْرِ أَمْلَاكِهِمْ وَإِنْ كَانَ سَمَّى شَيْئًا فَهُوَ عَنْ ذَلِكَ الشَّيْءِ وَلَا يُدْخِلُ فِيهِ غَيْرَهُ وَإِنْ أَبْهَمَا وَلَمْ يُفَسِّرَا فَإِنْ كَانَ اللِّصُّ حَاضِرًا فَالْقَوْلُ قَوْلُهُ عَنْ أَيِّ مَالٍ أَدَّى إذَا لَمْ يَكُنْ فِي ذَلِكَ ذِكْرُ الصُّلْحِ وَإِنْ كَانَ غَائِبًا لَا يَقْدِرُ عَلَيْهِ وَاتَّفَقَ الْمُبْضِعُ وَالْمُسْتَبْضِعُ أَنَّهُ لَمْ يُسَمِّ عَمَّا دَفَعَ فَهُوَ عَنْ الْجَمِيعِ كَذَا فِي خِزَانَةِ الْمُفْتِينَ.
صُلْحُ الْمُكْرَهِ لَا يَجُوزُ كَذَا فِي السِّرَاجِيَّةِ.
إذَا كَانَ الْمُدَّعِي رَجُلٌ فَأَكْرَهَ السُّلْطَانُ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ عَلَى صُلْحِ أَحَدِهِمَا فَصَالَحَهُمَا جَمِيعًا لَمْ يَجُزْ صُلْحُهُ مَعَ مَنْ أَكْرَهَ عَلَى الصُّلْحِ مَعَهُ وَجَازَ مَعَ الْآخَرِ كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ.
قَوْمٌ دَخَلُوا عَلَى رَجُلٍ بَيْتًا لَيْلًا أَوْ نَهَارًا وَشَهَرُوا عَلَيْهِ سِلَاحًا وَهَدَّدُوهُ حَتَّى صَالَحَ رَجُلًا عَنْ دَعْوَاهُ عَلَى شَيْءٍ أَوْ أَكْرَهُوهُ عَلَى إقْرَارٍ أَوْ إبْرَاءٍ فَفَعَلَ قَالُوا فِي قِيَاسِ قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى يَجُوزُ الصُّلْحُ وَالْإِقْرَارُ وَالْإِبْرَاءُ لِأَنَّ الْإِكْرَاهَ لَا يَكُونُ إلَّا مِنْ السُّلْطَانِ وَعِنْدَهُمَا يَتَحَقَّقُ الْإِكْرَاهُ مِنْ كُلِّ مُتَغَلِّبٍ يَقْدِرُ عَلَى تَحْقِيقِ مَا أَوْعَدَهُ وَالْفَتْوَى عَلَى قَوْلِهِمَا وَإِنْ لَمْ يَشْهَرُوا عَلَيْهِ السِّلَاحَ وَضَرَبُوهُ فَإِنْ كَانَ ذَلِكَ نَهَارًا فِي الْمِصْرِ فَالصُّلْحُ جَائِزٌ وَإِنْ هَدَّدُوهُ بِخَشَبٍ كَبِيرٍ لَا يَلْبَثُ فَهُوَ بِمَنْزِلَةِ السِّلَاحِ فِي هَذَا الْحُكْمِ وَإِنْ كَانَ ذَلِكَ فِي الطَّرِيقِ لَيْلًا أَوْ نَهَارًا أَوْ كَانَ فِي رُسْتَاقٍ لَا يَلْحَقُهُ الْغَوْثُ كَانَ الصُّلْحُ وَالْإِقْرَارُ بَاطِلَيْنِ وَإِنْ لَمْ يَشْهَرُوا عَلَيْهِ السِّلَاحَ، وَالزَّوْجُ إذَا هَدَّدَ امْرَأَتَهُ لِتُصَالِحَ عَنْ الصَّدَاقِ عَلَى شَيْءٍ أَوْ لِتُبْرِئَهُ فَهُوَ بِمَنْزِلَةِ الْأَجْنَبِيِّ وَإِنْ هَدَّدَهَا بِالطَّلَاقِ أَوْ بِالتَّزْوِيجِ عَلَيْهَا أَوْ بِالتَّسَرِّي لَمْ يَكُنْ ذَلِكَ إكْرَاهًا هَكَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ.
وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

.(الْبَابُ السَّادِسُ فِي صُلْحِ الْعُمَّالِ):

إذَا دَفَعَ الرَّجُلُ إلَى قَصَّارٍ ثَوْبًا لِيُقَصِّرَهُ فَخَرَقَهُ الْقَصَّارُ بِدَقِّهِ فَصَالَحَهُ رَبُّ الثَّوْبِ عَلَى دَرَاهِمَ مُسَمَّاةٍ لِيَكُونَ الثَّوْبُ لِلْقَصَّارِ أَوْ لِيَأْخُذَ رَبُّ الثَّوْبِ ثَوْبَهُ فَالصُّلْحُ جَائِزٌ حَالَّةً كَانَتْ الدَّرَاهِمُ أَوْ مُؤَجَّلَةً وَكَذَلِكَ إذَا صَالَحَهُ عَلَى دَنَانِيرَ وَإِنْ وَقَعَ الصُّلْحُ عَلَى مَكِيلٍ أَوْ مَوْزُونٍ فَإِنْ كَانَ الْمَكِيلُ أَوْ الْمَوْزُونُ بِعَيْنِهِ جَازَ الصُّلْحُ سَوَاءٌ وَقَعَ الصُّلْحُ عَلَى أَنْ يَكُونَ الثَّوْبُ لِرَبِّ الثَّوْبِ أَوْ لِلْقَصَّارِ وَإِنْ كَانَ الْمَكِيلُ أَوْ الْمَوْزُونُ فِي الذِّمَّةِ إنْ وَقَعَ الصُّلْحُ عَلَى أَنْ يَكُونَ الثَّوْبُ لِلْقَصَّارِ فَالصُّلْحُ جَائِزٌ فِيمَا يَخُصُّ الثَّوْبَ بَاطِلٌ فِيمَا يَخُصُّ قِيمَةَ الْخَرْقِ، وَإِنْ وَقَعَ الصُّلْحُ عَلَى أَنْ يَكُونَ الثَّوْبُ لِرَبِّ الثَّوْبِ لَا يَجُوزُ هَكَذَا فِي الذَّخِيرَةِ.
وَلَوْ قَالَ الْقَصَّارُ قَدْ دَفَعْت إلَيْك الثَّوْبَ وَجَحَدَ رَبُّ الثَّوْبِ ذَلِكَ فَصَالَحَهُ عَلَى صُلْحٍ لَمْ يَجُزْ الصُّلْحُ عَلَى قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى وَلَا يَجِبُ لِلْقَصَّارِ الْأَجْرُ وَعَلَى قَوْلِ مُحَمَّدٍ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى يَجُوزُ الصُّلْحُ وَكَذَا فِي قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى الْآخَرِ هَكَذَا فِي الْمُحِيطِ.
وَلَوْ ادَّعَى الْقَصَّارُ أَنَّهُ دَفَعَ الثَّوْبَ إلَى رَبِّ الثَّوْبِ وَطَلَبَ الْأَجْرَ وَكَذَّبَهُ رَبُّ الثَّوْبِ فَصَالَحَهُ مِنْ الْأَجْرِ عَلَى نِصْفِهِ جَازَ وَكَذَا لَوْ أَقَرَّ بِقَبْضِ الثَّوْبِ فَادَّعَى أَنَّهُ أَوْفَاهُ الْأَجْرَ وَأَنْكَرَ الْقَصَّارُ فَاصْطَلَحَا عَلَى نِصْفِ الْأَجْرِ جَازَ كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ.
ادَّعَى الْأَجِيرُ الْمُشْتَرَكُ أَنَّ الْعَيْنَ قَدْ هَلَكَتْ عِنْدَهُ ثُمَّ صَالَحَهُ عَلَى دَرَاهِمَ فَعَلَى قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى الْأَجِيرُ الْمُشْتَرَكُ أَمِينٌ فَلَا يَصِحُّ الصُّلْحُ بَعْدَ قَوْلِهِ قَدْ هَلَكَتْ الْعَيْنُ كَمَا فِي الْمُودِعِ وَعِنْدَهُمَا ضَامِنٌ فَيَصِحُّ الصُّلْحُ كَمَا فِي الْغَاصِبِ وَالرَّاعِي إنْ كَانَ أَجِيرًا مُشْتَرَكًا فَهُوَ كَالْقَصَّارِ وَإِنْ كَانَ أَجِيرًا خَاصًّا فَهُوَ أَجِيرُ وَاحِدٍ وَهُوَ أَمِينٌ بِلَا خِلَافٍ وَكَانَ الْجَوَابُ فِيهِ كَالْجَوَابِ فِي الْمُودِعِ كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ.
دَفَعَ غَزْلًا إلَى حَائِكٍ فَخَالَفَ الْحَائِكُ شَرْطَهُ بِأَنْ أَمَرَهُ أَنْ يَنْسِجَ لَهُ ثَوْبًا سَبْعًا فِي أَرْبَعٍ فَنَقَصَ وَنَسَجَ خَمْسًا فِي أَرْبَعٍ أَوْ زَادَ عَلَى مَا شَرَطَ كَانَ لِصَاحِبِ الْغَزْلِ الْخِيَارُ إنْ شَاءَ أَخَذَ الثَّوْبَ وَأَعْطَاهُ أَجْرَ مِثْلِهِ وَإِنْ شَاءَ تَرَكَ الثَّوْبَ عَلَيْهِ وَضَمَّنَهُ غَزْلًا مِثْلَ غَزْلِهِ عَلَى مَا عُرِفَ فِي كِتَابِ الْإِجَارَاتِ فَإِنْ صَالَحَهُ عَلَى أَنْ يَتْرُكَ الثَّوْبَ عَلَى الْحَائِكِ عَلَى أَنْ يُعْطِيَهُ الْحَائِكُ دَرَاهِمَ مُسَمَّاةٍ إلَى أَجَلٍ ذَكَرَ فِي الْكِتَابِ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ هَذَا الصُّلْحُ، قَالُوا تَأْوِيلُهُ إذَا تَرَكَ صَاحِبُ الْغَزْلِ الثَّوْبَ عَلَى الْحَائِكِ وَضَمَّنَهُ غَزْلًا مِثْلَ غَزْلِهِ ثُمَّ صَالَحَهُ بَعْدَ ذَلِكَ عَلَى دَرَاهِمَ إلَى أَجَلٍ لِأَنَّ الْغَزْلَ دَيْنٌ فِي ذِمَّةِ الْحَائِكِ فَإِذَا صَالَحَهُ مِنْ ذَلِكَ عَلَى دَرَاهِمَ إلَى أَجَلٍ كَانَ ذَلِكَ دَيْنًا بِدَيْنٍ وَهُوَ حَرَامٌ أَمَّا إذَا اخْتَارَ صَاحِبُ الْغَزْلِ أَخَذَ الثَّوْبَ ثُمَّ صَالَحَ الْحَائِكَ عَلَى أَنْ يَكُونَ الثَّوْبُ لِلْحَائِكِ بِدَرَاهِمَ مَعْلُومَةٍ إلَى أَجَلٍ كَانَ جَائِزًا كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ.
وَإِنْ صَالَحَهُ عَلَى أَنْ يَأْخُذَ الثَّوْبَ وَيُعْطِيَهُ بَعْضَ الْأَجْرِ وَيَحُطَّ عَنْهُ بَعْضَهُ جَازَ كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ.
إذَا دَفَعَ إلَى صَبَّاغٍ ثَوْبًا لِيَصْبُغَهُ بِقَفِيزِ عُصْفُرٍ بِدِرْهَمٍ فَصَبَغَهُ بِقَفِيزَيْنِ حَتَّى ثَبَتَ لِرَبِّ الثَّوْبِ الْخِيَارُ بَيْنَ أَنْ يَأْخُذَ ثَوْبَهُ وَأَعْطَاهُ دِرْهَمًا وَمَا زَادَ الْقَفِيزُ الْآخَرُ فِيهِ وَبَيْنَ أَنْ يَتْرُكَ ثَوْبَهُ عَلَى الصَّبَّاغِ وَضَمَّنَهُ قِيمَتَهُ أَبْيَضَ فَصَالَحَهُ رَبُّ الثَّوْبِ عَلَى أَنْ يَأْخُذَ الثَّوْبَ عَلَى قَفِيزِ حِنْطَةٍ بِعَيْنِهَا جَازَ سَوَاءٌ صَالَحَهُ عَنْ الْأَجْرِ وَعَمَّا زَادَ الْقَفِيزُ الثَّانِي فِي ثَوْبِهِ أَوْ صَالَحَهُ عَمَّا زَادَ الْقَفِيزُ الثَّانِي فِي ثَوْبِهِ وَإِنْ صَالَحَهُ عَلَى قَفِيزِ حِنْطَةٍ إلَى أَجَلٍ لَمْ يَذْكُرْ مُحَمَّدٌ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى هَذَا فِي الْكِتَابِ وَقَدْ اخْتَلَفَ الْمَشَايِخُ فِيهِ قَالَ مَشَايِخُ الْعِرَاقِ يَجُوزُ وَقَالَ مَشَايِخُ بَلْخٍ لَا يَجُوزُ وَلَوْ صَالَحَهُ عَلَى قَفِيزِ عُصْفُرٍ إنْ كَانَ بِعَيْنِهِ يَجُوزُ وَإِنْ كَانَ بِغَيْرِ عَيْنِهِ لَا يَجُوزُ كَذَا فِي الْمُحِيطِ.
وَلَوْ صَالَحَ الصَّبَّاغُ عَلَى دَرَاهِمَ إلَى أَجَلٍ جَازَ وَكَذَلِكَ لَوْ صَالَحَهُ عَلَى قِيرَاطِ ذَهَبٍ جَازَ إذَا قَبَضَ الذَّهَبَ فِي الْمَجْلِسِ وَإِنْ لَمْ يَقْبِضْ أَوْ أَجَّلَهُ فِيهِ فَإِنْ كَانَتْ قِيمَةُ مَا زَادَ الْقَفِيزُ الْآخَرُ فِي الثَّوْبِ قِيرَاطُ ذَهَبٍ أَوْ أَكْثَرَ يَجُوزُ هَذَا الصُّلْحُ بِطَرِيقِ حَظِّ الْأَجْرِ وَالتَّأْجِيلُ فِيمَا زَادَ الْقَفِيزُ فِيهِ وَإِنْ كَانَتْ قِيمَةُ ذَلِكَ دُونَ قِيرَاطٍ ذَهَبٍ لَمْ يَجُزْ الصُّلْحُ هَكَذَا فِي الْمَبْسُوطِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

.الْبَابُ السَّابِعُ فِي الصُّلْحِ فِي الْبَيْعِ وَالسَّلَمِ:

لَوْ بَاعَ مِنْهُ عَبْدًا بِأَلْفِ دِرْهَمٍ سُودٍ ثُمَّ صَالَحَهُ عَلَى أَلْفٍ أَوْ مِائَةٍ زُيُوفٍ أَوْ نَبَهْرَجَةٍ حَالَّةً أَوْ إلَى أَجَلٍ كَانَ ذَلِكَ بَاطِلًا وَكَذَلِكَ لَوْ صَالَحَهُ عَنْهَا كُلَّ شَيْءٍ مِمَّا يُكَالُ أَوْ يُوزَنُ عَيْنه لَمْ يَجُزْ كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ.
لَوْ اشْتَرَى رَجُلٌ شَيْئًا فَادَّعَى ذَلِكَ الشَّيْءَ أَوْ شِقْصًا مِنْهُ رَجُلٌ فَصَالَحَهُ الْمُشْتَرِي صَحَّ وَلَوْ أَرَادَ أَنْ يَرْجِعَ بِذَلِكَ عَلَى بَائِعِهِ لَا يَقْدِرُ كَذَا فِي الْفُصُولِ الْعِمَادِيَّةِ.
سُئِلَ الْحَسَنُ بْنُ عَلِيٍّ عَمَّنْ ادَّعَى عَلَى آخَرَ فَسَادًا فِي الْبَيْعِ بَعْدَ قَبْضِ الْمَبِيعِ وَلَمْ يَتَهَيَّأْ لَهُ إقَامَةُ الْبَيِّنَةِ فَصُولِحَ بَيْنَهُمَا عَنْ دَعْوَى الْفَسَادِ عَلَى دَنَانِيرَ هَلْ يَصِحُّ الصُّلْحُ؟ فَقَالَ لَا، قِيلَ وَلَوْ وَجَدَ بَيِّنَةً بَعْدَ الصُّلْحِ هَلْ تُسْمَعُ الْبَيِّنَةُ؟ فَقَالَ نَعَمْ كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة نَاقِلًا عَنْ الْيَتِيمَةِ.
إذَا ادَّعَى عَلَى رَجُلٍ أَلْفَ دِرْهَمٍ ثَمَنَ خَادِمٍ بَاعَهُ إيَّاهُ بَيْعًا فَاسِدًا وَقَدْ اسْتَهْلَكَ الْخَادِمُ فَصَالَحَهُ عَلَى خَمْسِمِائَةٍ وَقَدْ ادَّعَى الطَّالِبُ أَنَّ قِيمَتَهُ كَانَتْ أَلْفَ دِرْهَمٍ وَادَّعَى الْمَطْلُوبُ بِأَنَّ قِيمَتَهُ أَرْبَعُمِائَةٍ فَالصُّلْحُ جَائِزٌ كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ.
وَلَوْ كَانَ رَبُّ السَّلَمِ وَاحِدًا أَوْ صَالَحَ مَعَ الْمُسَلَّمِ إلَيْهِ عَنْ الْمُسَلَّمِ فِيهِ عَلَى رَأْسِ الْمَالِ جَازَ كَذَا فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ، وَلَا يَجُوزُ الصُّلْحُ عَنْ الْمُسَلَّمِ فِيهِ عَلَى جِنْسٍ آخَرَ سِوَى رَأْسَ الْمَالِ كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ.
لَوْ كَانَ عَلَيْهِ أَلْفُ دِرْهَمٍ وَكُرٌّ سَلَمٌ فَصَالَحَهُ عَلَى مِائَةٍ جَازَ كَذَا فِي الْبَدَائِعِ.
قَالَ أَبُو حَنِيفَةَ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى لَا بَأْسَ بِأَنْ يُصَالِحَ الرَّجُلُ فِي السَّلَمِ عَلَى أَنْ يَأْخُذَ نِصْفَ رَأْسِ مَالِهِ وَنِصْفَ سَلَمَهُ بِعَيْنِهِ فَإِذَا كَانَ لِرَجُلٍ عَلَى رَجُلٍ ثَوْبٌ هَرَوِيٌّ سَلَمٌ فَصَالَحَهُ عَلَى نِصْفِ رَأْسِ الْمَالِ عَلَى أَنْ يُعْطِيَهُ نِصْفَ السَّلَمِ حَتَّى جَازَ الصُّلْحُ فَجَاءَ الْمُسَلَّمُ إلَيْهِ بِنِصْفِ ثَوْبٍ مَقْطُوعٍ لَمْ يُجْبَرْ عَلَى أَخْذِهِ فَإِنْ شَاءَ قَبِلَ ذَلِكَ مِنْهُ وَإِنْ شَاءَ لَمْ يَقْبَلْ حَتَّى يَأْتِيَهُ بِثَوْبٍ صَحِيحٍ كَذَا فِي الْمُحِيطِ.
لَوْ كَانَ السَّلَمُ إلَى أَجَلٍ فَصَالَحَهُ عَلَى أَنْ يَأْخُذَ بِنِصْفِ رَأْسِ الْمَالِ وَيُنَاقِضُهُ نِصْفَ السَّلَمِ وَيُعَجِّلَ لَهُ نِصْفَ السَّلَمِ قَبْلَ الْأَجَلِ جَازَ النَّقْضُ فِي نَقْصِ رَأْسِ الْمَالِ وَلَمْ يَجُزْ التَّعْجِيلُ كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ.
إذَا أَسْلَمَ إلَى رَجُلٍ فِي كُرِّ حِنْطَةٍ وَجَعَلَ أَجَلَهُ إلَى شَهْرٍ وَأَسْلَمَ إلَى ذَلِكَ الرَّجُلِ أَيْضًا فِي كُرِّ شَعِيرٍ وَجَعَلَ أَجَلَهُ شَهْرَيْنِ فَمَضَى شَهْرٌ مِنْ وَقْتِ الْعَقْدِ وَحَلَّ أَجَلُ الْحِنْطَةِ فَصَالَحَهُ عَلَى أَنْ يَأْخُذَ الْحِنْطَةَ وَيَزِيدَ مِنْ أَجَلِ الشَّعِيرِ كَانَ جَائِزًا وَلَوْ صَالَحَهُ عَلَى أَنْ يُؤَخِّرَ الْحِنْطَةَ وَيُعَجِّلَ الشَّعِيرَ لَا يَجُوزُ كَذَا فِي الْمُحِيطِ.
وَلَوْ حَلَّ أَجَلُ السَّلَمِ فَرَدَّ عَلَيْهِ مِنْ رَأْسِ الْمَالِ شَيْئًا عَلَى أَنْ يُؤَخِّرَهُ شَهْرًا جَازَ قِيلَ يَجُوزُ الرَّدُّ فَأَمَّا شَرْطُ التَّأْجِيلِ فَلَا.
وَجْهُ رِوَايَةِ الْكِتَابِ وَهُوَ الْفَرْقُ بَيْنَ هَذِهِ وَبَيْنَ مَا إذَا كَانَ السَّلَمُ مُؤَجَّلًا فَحَطَّ عَنْهُ الْمُسَلَّمَ إلَيْهِ دِرْهَمًا لِيَزِيدَ فِي الْأَجَلِ شَهْرًا لَا يَجُوزُ، لِأَنَّ قَبْضَ رَأْسِ الْمَالِ مُعْتَبَرٌ بِقَبْضِ الْمُسْلَمِ فِيهِ لِأَنَّهُمَا يَجْرِيَانِ مَجْرَى وَاحِدٍ فِي حَقِّ الْقَبْضِ حَالَ قِيَامِ السَّلَمِ حَتَّى لَا يَجُوزَ الِاسْتِبْدَالُ بِهِمَا لِمَا فِيهِ مِنْ تَفْوِيتِ الْقَبْضِ ثُمَّ لَوْ قَبَضَ بَعْضَ الْمُسْلَمِ فِيهِ وَالسَّلَمُ حَالٌّ لِيُؤَجَّلَ فِي الْبَاقِي جَازَ فَكَذَا لَوْ قَبَضَ بَعْضَ رَأْسِ الْمَالِ لِيُؤَجِّلَ فِيمَا عَلَيْهِ مِنْ الْمُسْلَمِ فِيهِ يَجُوزُ اعْتِبَارًا لِأَحَدِهِمَا بِالْآخَرِ وَلَوْ قَبَضَ الْمُسْلَمَ فِيهِ وَالسَّلَمُ مُؤَجَّلٌ لِيَزِيدَ فِي أَجَلِ الْبَاقِي لَا يَجُوزُ فَكَذَا إذَا قَبَضَ بَعْضَ رَأْسِ الْمَالِ لِيَزِيدَ فِي الْأَجَلِ كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ.
إنْ كَانَ السَّلَمُ كُرَّ حِنْطَةٍ فَصَالَحَهُ عَلَى كُرِّ حِنْطَةٍ عَلَى إنْ أَبْرَأَهُ عَمَّا بَقِيَ فَهُوَ جَائِزٌ وَكَذَلِكَ لَوْ كَانَ السَّلَمُ كُرَّ حِنْطَةٍ جَيِّدَةٍ فَصَالَحَهُ عَلَى كُرِّ حِنْطَةٍ رَدِيئَةٍ فَهُوَ جَائِزٌ وَلَوْ كَانَ السَّلَمُ كُرَّ حِنْطَةٍ رَدِيئَةٍ فَصَالَحَهُ عَلَى نِصْفِ كُرِّ حِنْطَةٍ جَيِّدَةٍ لَا يَجُوزُ فِي قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ الْآخَرِ وَهُوَ قَوْلُ مُحَمَّدٍ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى كَذَا فِي الْمُحِيطِ.
إذَا كَانَ السَّلَمُ حِنْطَةً وَرَأْسُ الْمَالِ مِائَةَ دِرْهَمٍ فَصَالَحَهُ مِنْ السَّلَمِ عَلَى أَنْ يَرُدَّ عَلَيْهِ مِائَتَيْ دِرْهَمٍ أَوْ مِائَةً أَوْ خَمْسِينَ دِرْهَمًا كَانَ بَاطِلًا، وَأَمَّا إذَا قَالَ: صَالَحْتُكَ مِنْ السَّلَمِ عَلَى مِائَةٍ مِنْ رَأْسِ مَالِكَ كَانَ جَائِزًا وَكَذَلِكَ إذَا قَالَ صَالَحْتُك مِنْ السَّلَمِ عَلَى خَمْسِينَ دِرْهَمًا مِنْ رَأْسِ مَالِكَ كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ وَإِنْ قَالَ صَالَحْتُك مِنْ السَّلَمِ عَلَى مِائَتَيْ دِرْهَمٍ مِنْ رَأْسِ الْمَالِ لَا تَجُوزُ الزِّيَادَةُ وَتَقَعُ الْإِقَالَةُ بِقَدْرِ رَأْسِ الْمَالِ هَكَذَا ذَكَرَ شَيْخُ الْإِسْلَامِ وَأَشَارَ شَمْسُ الْأَئِمَّةِ السَّرَخْسِيِّ إلَى أَنَّهُ تَبْطُلُ الْإِقَالَةُ فِي هَذَا الْوَجْهِ أَصْلًا هَكَذَا فِي الْمُحِيطِ.
تَقَايَلَا السَّلَمَ، وَرَأْسُ الْمَالِ عَرْضٌ فَهَلَكَ أَوْ بَاعَهُ قَبْلَ أَنْ يَقْبِضَهُ ضَمِنَ الْمُسَلَّمُ إلَيْهِ قِيمَتَهُ وَلَوْ وَهَبَهُ مِنْ رَبِّ الْمَالِ بِغَيْرِ عِوَضٍ لَا يَضْمَنُ اسْتِحْسَانًا كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ.
إذَا أَسْلَمَ دَرَاهِمَ مَعْدُودَةً فِي كُرِّ حِنْطَةٍ إلَى أَجَلٍ ثُمَّ اصْطَلَحَا بَعْدَ زَمَانٍ عَلَى إنْ زَادَهُ الْمُسَلَّمُ إلَيْهِ نِصْفَ كُرِّ حِنْطَةٍ إلَى ذَلِكَ الْأَجَلِ لَمْ يَجُزْ بِالْإِجْمَاعِ ثُمَّ إذَا لَمْ يُجِزْ فَعَلَى الْمُسَلَّمِ إلَيْهِ أَنْ يَرُدَّ ثُلُثَ رَأْسِ الْمَالِ إلَى رَبِّ السَّلَمِ وَعَلَيْهِ كُرٌّ تَامٌّ عِنْدَهُ وَقَالَا لَا يَرُدُّ شَيْئًا وَعَلَيْهِ كُرٌّ تَامٌّ كَذَا فِي شَرْحِ الْمَنْظُومَةِ.
أَسْلَمَ ثَوْبًا فِي كُرِّ حِنْطَةٍ ثُمَّ إنَّ الْمُسَلَّمَ إلَيْهِ بَعْدَ مَا قَبَضَ الثَّوْبَ أَسْلَمَ ذَلِكَ الثَّوْبَ إلَى آخَرَ ثُمَّ إنَّ الْمُسَلَّمَ إلَيْهِ الْأَوَّلَ صَالَحَ مَعَ رَبِّ السَّلَمِ الْأَوَّلِ عَلَى رَأْسِ الْمَالِ إنْ كَانَ هَذَا الصُّلْحُ بَعْدَ مَا عَادَ الثَّوْبُ مِنْ السَّلَمِ إلَيْهِ الثَّانِي إلَى الْمُسَلَّمِ إلَيْهِ الْأَوَّلِ فَإِنْ عَادَ إلَيْهِ بِسَبَبٍ هُوَ فَسْخٌ مِنْ كُلِّ وَجْهِ الرَّدِّ نَحْوُ الرَّدِّ بِخِيَارِ رُؤْيَةٍ أَوْ عَيْبٍ بِقَضَاءٍ أَوْ افْتِرَاقٍ عَنْ الْمَجْلِسِ قَبْلَ قَبْضِ رَأْسِ الْمَالِ فِي السَّلَمِ الثَّانِي كَانَ عَلَى الْمُسَلَّمِ إلَيْهِ الْأَوَّلِ رَدَّ عَيْنَ الثَّوْبِ إلَى رَبِّ السَّلَمِ الْأَوَّلِ وَلَيْسَ لَهُ رَدُّ الْقِيمَةِ وَكَذَلِكَ إذَا كَانَ زَوَالُ الثَّوْبِ عَنْ مِلْكِ الْمُسَلَّمِ إلَيْهِ بِطَرِيقِ الْهِبَةِ فَعَادَ إلَيْهِ بِالرُّجُوعِ فِي الْهِبَةِ سَوَاءٌ كَانَ الرُّجُوعُ بِقَضَاءٍ أَوْ بِغَيْرِ قَضَاءٍ وَإِنْ عَادَ إلَيْهِ بِسَبَبٍ هُوَ مِلْكٌ مُبْتَدَأٌ مِنْ كُلِّ وَجْهٍ نَحْوُ الشِّرَاءِ وَالْهِبَةِ وَالْمِيرَاثِ فَحَقُّ رَبِّ السَّلَمِ الْأَوَّلِ قِيمَةُ الثَّوْبِ لَا فِي عَيْنِهِ فَإِنْ اصْطَلَحَا عَلَى أَخْذِ عَيْنِ الثَّوْبِ إنْ كَانَ هَذَا الِاصْطِلَاحُ قَبْلَ أَنْ يَقْضِيَ الْقَاضِي عَلَيْهِ بِقِيمَةِ الثَّوْبِ لَا يَجُوزُ قِيَاسًا وَيَجُوزُ اسْتِحْسَانًا وَإِنْ كَانَ بَعْدَ مَا قَضَى الْقَاضِي عَلَيْهِ بِالْقِيمَةِ لَا يَجُوزُ قِيَاسًا وَهَلْ يَجُوزُ اسْتِحْسَانًا فِيهِ اخْتِلَافُ الْمَشَايِخِ وَإِنْ عَادَ إلَيْهِ بِسَبَبٍ يُشْبِهُ الْفَسْخَ وَالتَّمَلُّكَ نَحْوَ الْإِقَالَةِ وَالرَّدِّ بِالْعَيْبِ بِغَيْرِ قَضَاءٍ فَحَقُّ رَبُّ السَّلَمِ الْأَوَّلِ فِي قِيمَةِ الثَّوْبِ لَا فِي عَيْنِهِ فَإِنْ اصْطَلَحَا عَلَى أَخْذِ عَيْنِ الثَّوْبِ إنْ كَانَ هَذَا الِاصْطِلَاحُ قَبْلَ قَضَاءِ الْقَاضِي عَلَيْهِ بِقِيمَةِ الثَّوْبِ لَا يَجُوزُ قِيَاسًا وَيَجُوزُ اسْتِحْسَانًا وَإِنْ كَانَ بَعْدَ ذَلِكَ لَا يَجُوزُ قِيَاسًا وَلَا اسْتِحْسَانًا وَإِنْ كَانَ الصُّلْحُ مِنْ الْمُسَلَّمِ إلَيْهِ الْأَوَّلِ قَبْلَ أَنْ يَعُودَ إلَيْهِ الثَّوْبُ مِنْ الْمُسَلَّمِ إلَيْهِ الثَّانِي ثُمَّ عَادَ.
بَعْدَ مَا قَضَى الْقَاضِي عَلَى الْمُسَلَّمِ إلَيْهِ الْأَوَّلِ بِقِيمَةِ الثَّوْبِ لَا يَجُوزُ اصْطِلَاحُهُمَا عَلَى أَخْذِ الْعَيْنِ بِأَيِّ سَبَبٍ عَادَ إلَيْهِ الثَّوْبُ إلَّا أَنَّهُ رَدَّ عَلَيْهِ بِالْعَيْبِ بِقَضَاءِ الْقَاضِي فَإِنَّهُ يَرُدُّ الثَّوْبَ عَلَى رَبِّ السَّلَمِ الْأَوَّلِ وَيَأْخُذُ مِنْهُ قِيمَتَهُ وَإِنْ عَادَ إلَيْهِ الثَّوْبُ قَبْلَ قَضَاءِ الْقَاضِي عَلَيْهِ بِقِيمَةِ الثَّوْبِ إنْ عَادَ بِسَبَبٍ هُوَ فَسْخٌ مِنْ كُلِّ وَجْهٍ يَرُدُّ الثَّوْبَ عَلَى رَبِّ السَّلَمِ الْأَوَّلِ وَإِنْ عَادَ بِسَبَبِ التَّمَلُّكِ وَالْفَسْخِ فَإِنَّ عَلَيْهِ قِيمَةَ الثَّوْبِ لِرَبِّ السَّلَمِ الْأَوَّلِ وَإِنْ اصْطَلَحَا عَلَى أَخْذِ الْعَيْنِ فَفِيهِ اخْتِلَافُ الْمَشَايِخِ هَكَذَا فِي الْمُحِيطِ.
وَلَا يَجُوزُ صُلْحُ أَحَدِهِمَا فِي السَّلَمِ عَلَى أَخْذِ نَصِيبِهِ مِنْ رَأْسِ الْمَالِ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَمُحَمَّدٍ رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى وَيَتَوَقَّفُ عَلَى إجَازَةِ شَرِيكِهِ فَإِنْ رَدَّ بَطَلَ أَصْلًا وَبَقِيَ الْمُسَلَّمُ فِيهِ بَيْنَهُمَا عَلَى حَالِهِ وَإِنْ أَجَازَ نَفَذَ عَلَيْهِمَا فَيَكُونُ نِصْفُ رَأْسِ الْمَالِ بَيْنَهُمَا وَبَاقِي الطَّعَامُ بَيْنَهُمَا وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى جَازَ الصُّلْحُ وَلَهُ نِصْفُ رَأْسِ الْمَالِ وَصَاحِبُهُ إنْ شَاءَ شَارَكَهُ فِيمَا قَبَضَ وَإِنْ شَاءَ اتَّبَعَ الْمَطْلُوبَ بِنِصْفِهِ إلَّا إذَا تَوَى عَلَيْهِ فَيَرْجِعُ عَلَى شَرِيكِهِ كَذَا فِي الِاخْتِيَارِ شَرْحِ الْمُخْتَارِ.
هَذَا إذَا كَانَ رَأْسُ الْمَالِ مَخْلُوطًا وَإِنْ لَمْ يَخْلِطَاهُ وَنَقَدَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا عَلَى حِدَةٍ اخْتَلَفُوا فِيهِ فَقَالَ بَعْضُهُمْ يَجُوزُ عِنْدَهُمَا أَيْضًا وَقَالَ بَعْضُهُمْ هَذِهِ الصُّورَةُ أَيْضًا عَلَى الْخِلَافِ وَهُوَ الصَّحِيحُ كَذَا فِي التَّبْيِينِ وَهَكَذَا فِي الْكَافِي.
إذَا كَانَ لِلْمُتَفَاوِضَيْنِ سَلَمٌ عَلَى رَجُلٍ فَصَالَحَهُ أَحَدُهُمَا عَلَى رَأْسِ الْمَالِ جَازَ وَكَذَلِكَ شَرِيكَا الْعِنَانِ كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ.
قَالَ إذَا كَانَ لِرَجُلٍ عَلَى رَجُلٍ كُرُّ حِنْطَةٍ سَلَمٌ وَبِهِ كَفِيلٌ فَصَالَحَ الْكَفِيلُ رَبَّ السَّلَمِ عَلَى رَأْسِ الْمَالِ فَعَلَى قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ وَمُحَمَّدٍ رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى الصُّلْحُ يَكُونُ مَوْقُوفًا عَلَى إجَازَةِ الْمُسَلَّمِ إلَيْهِ إنْ أَجَازَ جَازَ وَصَارَ حَقُّ رَبِّ السَّلَمِ فِي رَأْسِ الْمَالِ، وَإِنْ أَبْطَلَ بَطَلَ وَبَقِيَ حَقُّ رَبِّ السَّلَمِ فِي الطَّعَامِ وَكَذَلِكَ إنْ كَانَ الْكَفِيلُ بِغَيْرِ أَمْرِ الْمُسَلَّمِ فَهُوَ عَلَى هَذَا الْخِلَافِ وَكَذَلِكَ الْأَجْنَبِيُّ إذَا صَالَحَ عَلَى رَأْسِ الْمَالِ وَضَمِنَ الْمَالَ هَكَذَا فِي الْمُحِيطِ.
وَلَوْ صَالَحَ الْكَفِيلُ الطَّالِبَ عَلَى طَعَامٍ مِنْ جِنْسِ السَّلَمِ إلَّا أَنَّهُ دُونَ السَّلَمِ فِي الْجَوْدَةِ جَازَ وَيَرْجِعُ هُوَ عَلَى الْمُسَلَّمِ إلَيْهِ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ.
وَلَوْ وَهَبَ الطَّالِبُ الْكَفِيلَ كُلَّهُ كَانَ لِلْكَفِيلِ أَنْ يَرْجِعَ بِذَلِكَ عَلَى الْمَكْفُولِ عَنْهُ وَلَوْ صَالَحَ الْكَفِيلُ الطَّالِبَ عَنْ السَّلَمِ عَلَى ثَوْبٍ أَوْ عَلَى شَيْءٍ مِنْ الْوَزْنِيِّ لَا يَجُوزُ بِخِلَافِ مَا لَوْ صَالَحَ الْكَفِيلُ الْمُسَلَّمَ إلَيْهِ عَلَى شَيْءٍ آخَرَ سِوَى السَّلَمِ كَانَ جَائِزًا ثُمَّ الْكَفِيلُ بِالسَّلَمِ إذَا صَالَحَ مَعَ الْمَطْلُوبِ عَلَى غَيْرِ جِنْسِ السَّلَمِ بَرِئَ الْمَطْلُوبُ عَنْ دَيْنِ الْكَفِيلِ وَلَا يَبْرَأُ دَيْنُ الطَّالِبِ وَبَعْدَ ذَلِكَ يُنْظَرُ إنْ أَدَّى الْكَفِيلَ إلَى الطَّالِبِ بَرِئَا جَمِيعًا وَإِنْ رَجَعَ الطَّالِبُ عَلَى الْمَطْلُوبِ وَأَخَذَ مِنْهُ الطَّعَامَ كَانَ لَهُ أَنْ يَرْجِعَ عَلَى الْكَفِيلِ وَكَانَ لِلْكَفِيلِ الْخِيَارُ إنْ شَاءَ أَوْفَاهُ طَعَامَ السَّلَمِ وَإِنْ شَاءَ رَدَّ عَلَيْهِ عَيْنَ مَا أَخَذَ هَكَذَا فِي الْمُحِيطِ.
وَلَوْ صَالَحَ الْكَفِيلُ رَبَّ السَّلَمِ عَلَى أَنْ يَزِيدَهُ دِرْهَمًا فِي رَأْسِ الْمَالِ وَقَبَضَهُ لَا يَجُوزُ كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ.
إذَا صَالَحَ الْكَفِيلُ عَلَى إنْ زَادَ الْمُسَلَّمُ إلَيْهِ مَخْتُومَ حِنْطَةٍ فِي السَّلَمِ لَمْ يَجُزْ كَذَا فِي الْمُحِيطِ.
وَلَوْ زَادَهُ رَبُّ السَّلَمِ دِرْهَمًا عَلَى إنْ زَادَهُ الْكَفِيلُ مَخْتُومَ حِنْطَةٍ لَمْ يَجُزْ ذَلِكَ كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ.
إذَا جَاءَ الْكَفِيلُ بِأَنْقَصَ مِمَّا كَفَلَ فِي الْمَكِيلَاتِ وَالذَّرْعِيَّاتِ إلَى رَبِّ السَّلَمِ فَقَالَ خُذْ هَذَا وَأَرُدُّ عَلَيْك دِرْهَمًا لَا يَجُوزُ مِنْ الْمُسَلَّمِ إلَيْهِ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَمُحَمَّدٍ- رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى فَكَذَا مِنْ الْكَفِيلِ وَإِنْ أَتَى بِأَجْوَدَ مِمَّا كَفَلَ وَقَالَ خُذْ هَذَا وَزِدْنِي دِرْهَمًا فَإِنَّهُ لَا يَجُوزُ لَا فِي الذَّرْعِيَّاتِ وَلَا فِي الْمَكِيلَاتِ وَإِنْ كَانَ هَذَا فِي الذَّرْعِيَّاتِ يَجُوزُ مِنْ الْمُسَلَّمِ إلَيْهِ هَكَذَا فِي الْمُحِيطِ.
وَلَوْ أَوْفَاهُ الْكَفِيلُ السَّلَمَ فِي غَيْرِ الْمَوْضِعِ الَّذِي شَرَطَ فَقَبِلَهُ كَانَ لَهُ أَنْ يَرْجِعَ عَلَى الْأَصِيلِ فِي مَوْضِعِ الشَّرْطِ كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ.
وَلَوْ كَانَ الْكَفِيلُ صَالَحَ الطَّالِبَ عَلَى أَنْ يُعْطِيَهُ الطَّعَامَ فِي غَيْرِ مَوْضِعِ الشَّرْطِ وَيُعْطِيهِ أَجْرَ الْحَمْلِ إلَى مَوْضِعِ الشَّرْطِ لَمْ يَجُزْ وَيَرُدُّ الطَّالِبُ الطَّعَامَ وَالْأَجْرَ حَتَّى يُوَفِّيَهُ الطَّعَامَ فِي مَوْضِعِ الشَّرْطِ وَلَوْ كَانَ الْمَشْرُوطُ إيفَاءَ الطَّعَامِ فِي السَّوَادِ فَصَالَحَ الطَّالِبُ الْكَفِيلَ عَلَى أَنْ يُوَفِّيَهُ إيَّاهُ بِالْكُوفَةِ عَلَى أَنْ يُعْطِيَهُ الطَّالِبُ بِذَلِكَ كَذَا كَذَا دِرْهَمًا لَمْ يَجُزْ وَإِنْ كَانَ الْكَفِيلُ أَوْفَاهُ الطَّعَامَ بِالْكُوفَةِ مِنْ غَيْرِ شَرْطٍ يَرْجِعُ عَلَى الْأَصِيلِ بِالطَّعَامِ فِي السَّوَادِ لَا بِالْكُوفَةِ كَذَا فِي الْمُحِيطِ.
لَوْ أَمَرَ رَجُلٌ رَجُلًا فَأَسْلَمَ لَهُ فِي كُرِّ حِنْطَةٍ ثُمَّ صَالَحَ الَّذِي وَلِيَ السَّلَمَ عَلَى رَأْسِ الْمَالِ جَازَ عَلَيْهِ وَيَضْمَنُ كُرًّا مِثْلَهُ لِلْآمِرِ فِي قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ وَمُحَمَّدٍ رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى وَكَذَلِكَ إذَا أَبْرَأَهُ بِطَرِيقِ الصُّلْحِ عَلَى رَأْسِ الْمَالِ وَلَوْ كَانَ الْآمِرُ هُوَ الَّذِي صَالَحَ الْمَطْلُوبَ عَلَى رَأْسِ الْمَالِ وَقَبَضَهُ جَازَ بِمَنْزِلَةِ مَا لَوْ أَبْرَأَهُ لَا بِطَرِيقِ الصُّلْحِ كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ.
وَإِذَا ادَّعَى رَجُلٌ قِبَلَ رَجُلٍ مِائَةَ دِرْهَمٍ وَكُرَّ حِنْطَةٍ سَلَمًا فَصَالَحَهُ مِنْ ذَلِكَ عَلَى عِشْرِينَ دِينَارًا فَإِنْ كَانَ رَأْسُ مَالِ السَّلَمِ دَرَاهِمًا بَطَلَ الصُّلْحُ فِيمَا يَخُصُّ الْمِائَةَ وَالسَّلَمَ جَمِيعًا سَوَاءٌ تَفَرَّقَا قَبْلَ نَقْدِ الدَّنَانِيرِ أَمْ بَعْدَهُ، وَإِنْ كَانَ رَأْسُ مَالِ السَّلَمِ دَنَانِيرَ إنْ كَانَ رَأْسُ الْمَالِ خَمْسَةَ دَنَانِيرَ وَقَدْ شَرَطَا فِي الصُّلْحِ بِأَنْ يَكُونَ بِإِزَاءِ خَمْسَةِ دَنَانِيرَ وَنَقَدَ عِشْرِينَ دِينَارًا وَنَقَدَ حِصَّةَ الْمِائَةِ كَانَ الصُّلْحُ فِي الْكُلِّ وَأَمَّا إذَا لَمْ يَجْعَلَا خَمْسَةَ دَنَانِيرَ بِإِزَاءِ السَّلَمِ هَلْ يَجُوزُ الصُّلْحُ فِي الْكُلِّ إذَا نَقَدَ الْعِشْرِينَ؟ لَمْ يَذْكُرْ مُحَمَّدٌ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى هَذَا فِي الْكِتَابِ وَقَدْ اخْتَلَفَ الْمَشَايِخُ فِيهِ كَانَ الْفَقِيهُ أَبُو جَعْفَرٍ الْهِنْدُوَانِيُّ يَقُولُ بِأَنَّهُ لَا يَجُوزُ وَالْفَقِيهُ أَبُو بَكْرٍ الْبَلْخِيّ أُسْتَاذُ الْفَقِيهِ أَبِي جَعْفَرٍ يَقُولُ بِأَنَّهُ يَجُوزُ، وَيُجْعَلُ مَا يَخُصُّ السَّلَمَ مِنْ الصُّلْحِ إقَالَةٌ لِلسَّلَمِ اسْتِحْسَانًا بِمِقْدَارِ رَأْسِ الْمَالِ، هَكَذَا فِي الْمُحِيطِ.
وَإِذَا أَسْلَمَ الذِّمِّيَّانِ إلَى ذِمِّيٍّ فِي خَمْرٍ ثُمَّ أَسْلَمَ أَحَدُهُمَا بَطَلَتْ حِصَّتُهُ مِنْ السَّلَمِ وَرَجَعَ إلَيْهِ بِرَأْسِ مَالِهِ فَإِنْ صَالَحَ مِنْ رَأْسِ مَالِهِ عَلَى طَعَامٍ بِعَيْنِهِ أَوْ إلَى أَجَلٍ لَمْ يَجُزْ وَلَوْ تَوَى مَالُ النَّصْرَانِيِّ مِنْ هَذَا السَّلَمِ كَانَ لَهُ أَنْ يُشَارِكَ الْمُسْلِمَ فِيمَا قَبَضَ مِنْ رَأْسِ الْمَالِ وَلَوْ أَسْلَمَ نَصْرَانِيٌّ خَمْرًا إلَى نَصْرَانِيٍّ فِي حِنْطَةٍ وَقَبَضَ الْخَمْرَ ثُمَّ أَسْلَمَ أَحَدُهُمَا لَمْ يُنْتَقَضْ السَّلَمُ وَلَوْ صَالَحَ الْمُسْلِمُ مِنْهَا عَلَى رَأْسِ مَالِهِ لَمْ يَجُزْ وَإِذَا أَسْلَمَ نَصْرَانِيٌّ إلَى نَصْرَانِيٍّ خِنْزِيرًا فِي خَمْرٍ وَقَبَضَ الْخِنْزِيرَ وَاسْتَهْلَكَهُ ثُمَّ أَسْلَمَ أَحَدُهُمَا انْتَقَضَ السَّلَمُ وَعَلَيْهِ قِيمَةُ الْخِنْزِيرِ، كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.